بازدید امروز : 20
بازدید دیروز : 0
فی ضوء خطاب الامام الخامنئی ..
الثورة الاسلامیة ومرحلة ما بعد السلطة المعرفیة
حمید حلمی زادة
تقتضی المنظومة الجدیدة للثورة الاسلامیة تنمیة سلطة المعرفة واقتحام عوالم جدیدة، تحصن ایران من التحدیات العدائیة للاستکبار العالمی ، وتبوؤها مکانة اکثر نفوذا وتاثیرا فی المجتمع الدولی. فالعالم معرض دائما لطوفان المعطیات التی تفرزها التطورات السیاسیة والفکریة والعلمیة، والجمهوریة الاسلامیة باتت لصیقة بشکل مباشر مع هذه التطورات، ولکی نفهم جیدا ما ینطوی علیه هذا التعبیر، فانه ینبغی قراءة الخطاب التاریخی لقائد الثورة الاسلامیة الامام الخامنئی فی صلاة الجمعة (11 ربیع الاول 1433 ــ 3 شباط 2012) قراءة موضوعیة ودقیقة، توخیا لوعی ما حققته طهران طیلة الاعوام الـ 33 الماضیة، باستخدام جمیع الوسائل المادیة والمعنویة.
فالامام الخامنئی (دام ظله) یؤکد على ان الرکیزة الاساسیة فی التقدم الذی بلغته الجمهوریة الاسلامیة، هی الشعب الایرانی الذی تمکن خلال العقود الثلاثة الاخیرة من التغلب على مختلف التحدیات مشیرا الى ان التکامل بین الشعب والمسؤولین، جعل ایران فی حرز من تاثیر اشکال الضغط والمقاطعة التی مارسها الغربیون، کما عزز مسیرة التنمیة المعرفیة بالبلاد على شتى الصعد، مشددا على ان التهدیدات الغربیة القادمة بحظر التعامل مع ایران، لن تؤدی سوى الى المزید من التطور والتقدم فی المجالات الصناعیة العلمیة والتقنیة .
اما تهدید الجمهوریة الاسلامیة بالحرب، فانه لن یفت فی عضد الشعب الایرانی فحسب بل سیقوی اکثر فاکثر من لحمته الوطنیة، ویحضه على التعمق والمثابرة من اجل بلوغ ذروة الرقی والابداع والتألق فی جمیع المیادین. فی هذا المجال یقول الامام الخامنئی "لا نکترث ابدا بالتهدیدات النفطیة، ولنا تهدیداتنا التی سنطرحها فی وقتها وسنفذها"، کما اشار سماحته الى ان التهدیدات الامیرکیة بالحرب دلیل على عجزها عن التعامل مع القضایا بمعیار المنطق والموضوعیة موضحا "ان ایّ حرب على الجمهوریة الاسلامیة سیعود بالضرر على امیرکا نفسها بعشرة اضعاف"، معلنا ان "ایران لن تتراجع عن مبادئها واهدافها و حقوقها و لا سیما امتلاکها الطاقة النوویة للاغراض السلمیة ،على الرغم من کل المساعی الغربیة لاخضاع الشعب الایرانی".
واضح ان مفاد هذا الموقف الحازم للسید القائد هو ان تشدید الحظر الغربی على الجمهوریة الاسلامیة شعبا ومسؤولین ، لا یعنی ابدا ان نحرم انفسنا من مقومات النبوغ والذکاء والخلاقیة ومن الادوات المعرفیة المتاحة بالقوة او بالفعل فی طول البلاد وعرضها، الامر الذی یشی ایضا بحقیقة ان التهدیدات الراهنة لن تختلف فی نتائجها عن مصیر امثالها انفا.
وبما بان الادارة الامیرکیة تقود هذه الحملة الشعواء على ایران، فانه یتعین علیها الاعتبار من هزائمها السابقة لیس على مستوى فشل وانهیار ادوات مناصبتها العداء للجمهوریة الاسلامیة فحسب، بل وایضا فی مضمار اخفاقها المذل ومعها الدول الاوروبیة فی تحقیق مطامعها من احتلال العراق لاکثر من ثمانیة اعوام، بعد ان اجبرت على الجلاء من هذا البلد الاسلامی العظیم نتیجة للمواقف الحاسمة للعراقیین حکومة وشعبا الذین رفضوا بقاء الغزاة والمحتلین على ارضهم، ولم یجد الامیرکیون وحلفاؤهم مناصا سوى الانسحاب بجیوشهم ومعداتهم العسکریة من ارض الرافدین صفر الیدین خائبین.
ولم یتردد قائد الثورة الاسلامیة عن تاکید الدعم المعنوی الذی قدمته ایران للعراق وغیرها من البلدان التی تعرضت للعدوان والارهاب الامیرکی ــ الصهیونی، ویقول فی هذا المجال: "لو أن الثورة الاسلامیة والجمهوریة الاسلامیة قد ترکت الاخوة المظلومین فی افغانستان والبوسنة ولبنان والعراق وفلسطین وشأنهم کما فعلت الانظمة المتشدقة بالاسلام، ولوکنا مثل اکثر الانظمة العربیة التی خانت القضیة الفلسطینیة، قد آثرنا الصمت بل وطعنا من الخلف، لما وصمونا بمساندة الارهاب والتدخل.. نحن نفکر بتحریر القدس الشریف وکل الارض الفلسطینیة..هذه هی جریمتنا الکبرى".
وفی مثل هذا الجو المعادی لایران حدد الامام الخامنئی، تاکید موقف الجمهوریة الاسلامیة المساند ــ بلا هوادة ــ لقضیة فلسطین ومکافحة "اسرائیل" باعتبارها غدة سرطانیة لابد من اقتلاعها، معلنا ان طهران ستقف مع کل مشروع تحرری یتوخى تحقیق هذا الهدف الرسالی وبکل ما اوتیت من قوة.
ولم یفت عن بال سماحته التنویه الى العلاقة الوثیقة بین الثورة الاسلامیة الایرانیة وحرکة الصحوة الاسلامیة المعاصرة، ومایلقی على عاتق الاسلامیین فی کل مکان من مسؤولیات جسیمة فی مضمار تعزیز الوحدة والتلاحم والتضامن والالفة مع احترام الخصوصیات المذهبیة والقومیة لکل شعب کما عبر السید القائد قائلا" ان الثورة الاسلامیة تنتهج طریق القرآن والسنة واحیاء الامة الاسلامیة، ان ایران تعتقد بان مساعدة المجاهدین من اهل السنة فی (حماس) و(الجهاد الاسلامی)، وقبلها المجاهدین فی افغانستان والبوسنة ،و ایضا المجاهدین الشیعة فی (حزب الله) و(حرکة امل)، واجب شرعی وتکلیف الهی دونما تمییز، کما ان طهران تعلن بصوت عال وقاطع: انها تؤمن بنهضة الشعوب (لا بالارهاب)، وبوحدة المسلمین (لا بالغلبة والتناحر المذهبی)، وبالاخوة الاسلامیة (لا بالتعالی القومی والعنصری)، وبالجهاد الاسلامی (لا بالعنف تجاه الآخر)، وهی ملتزمة بذلک ان شاء الله".
وفی مستقبل غیر بعید سیکون السقوط من نصیب الاستکبار الامیرکی کما وقع الانهیار السوفیتی فی تسعینیات القرن الماضی، لان التناقضات والثورات الشعبیة فی الولایات المتحدة تدفع الخبراء الاستراتیجیین الغربیین الى التنبؤ بذلک، وقد علمتنا تجارب التاریخ ان الطغیان مآله الاندحار ان عاجلا او آجلا،وان صوت الحق سیعلو فی نهایة المطاف، وفی ضوء ذلک اکد قائد الثورة الامام الحسینی الخامنئی (دام ظله) على ان العالم سیکون على موعد مع انعطافة تاریخیة تبدد کل انواع الزبد وتنقی المسیرة الانسانیة من تراکمات الغرور والغطرسة والظلم.
اما الجمهوریة الاسلامیة فانها ماضیة قدما فی خطواتها ومنجزاتها ومکاسبها، مستفیدة من الادوات المعرفیة التی قیضها الباری عزوجل لفائدة الامم والشعوب، ففی صبیحة یوم الجمعة قبل الصلاة اطلقت ایران بنجاح قمرا اصطناعیا جدیدا الى المدار الارضی باسم (نوید علم وصنعت) ومعناه (بشارة العلم والصناعة)، بهدف التقاط صور للکرة الارضیة بقدرة تحلیلیة تصل الى 750 مترا ، اضافة الى ارسال معلومات عنها وتقدیم البیانات المرتبطة بالطقس والبیئة. وان من خصائص هذا الصاروخ تحسن انظمته وجودة تصنیعه، الشیء الذی یؤهل الجمهوریة الاسلامیة الدخول الى نادی الدول التی تستطیع تقدیم الخدمات الفضائیة . ویأتی ذلک فی نطاق الاستفادة المثلى من قدرات علمائنا وکوادرنا الشباب الذین آلوا على انفسهم - وهم بالالاف -ان یکونوا والزمن فی تسابق مستمر.
اشتراک